الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرجوع إلى مشاهدة المحرمات هل يعني فقدان التعافي بالكلية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا كنت مدمنًا سابقًا على الإباحية والعادة السرية، توقفت عنها لمدة 90 يومًا، ثم انتكست مرة، ورجعت للتعافي مرة أخرى. الآن أشعر بتعب وضيق شديد، حتى بعد الوصول إلى 90 يومًا، وأفكر في مستقبلي، وأخاف أنه إذا بدأت بالمذاكرة قد أواجه صعوبات، أو لا أستطيع إنجاز ما فاتني بعد فترة التسعين يومًا.

هل الرجوع للإباحية بعد الوصول إلى 90 يومًا، يفقدني كل ما تعافيت منه سابقًا أم لا؟ وما هو الحل؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم، أسأل الله أن يرزقك الثبات والقوة، وأن يعينك على تجاوز هذه المحنة.

ما تمر به هو ابتلاء واختبار، ولكن تذكر أن الله -سبحانه وتعالى- لا يكلف نفسًا إلَّا وسعها، وأنه مع الصابرين والمجاهدين في سبيله، يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، هذه الآية تذكِّرك بأن جهاد النفس هو طريق الهداية، وأن الله معك، طالما أنك تسعى بصدق للتوبة والإصلاح، قال النبي ﷺ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاء، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» (رواه الترمذي)، هذا الحديث يطمئنك أن الوقوع في الخطأ لا يعني النهاية، بل المهم هو العودة إلى الله بالتوبة الصادقة.

تذكر أخي أن التوبة في الإسلام ليست مجرد كلمات، بل هي شعور داخلي بالندم، وقرار بعدم العودة إلى الذنب، مع السعي لتعويض ما فات، يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222]، فالله يحبك عندما تتوب، ويحبك عندما تسعى للطهارة النفسية والجسدية.

أخي الكريم: هناك خطوات عملية للتعافي والثبات:
• اجلس مع نفسك وراجع أسباب الانتكاسة، هل كانت بسبب ضعف في العزيمة؟ أم بسبب بيئة معينة؟
• جدد نيتك مع الله، واطلب منه العون والثبات.
• احرص على إزالة كل ما يذكرك بالإباحية أو يدفعك للعودة إليها، سواء كانت مواقع، أو تطبيقات، أو حتى أصدقاء قد يشجعونك على ذلك.

• ابدأ بوضع جدول يومي يشمل الصلاة، قراءة القرآن، ممارسة الرياضة، وتعلم مهارات جديدة.
• خصص وقتًا للمذاكرة، وابدأ بخطوات صغيرة، لا تضغط على نفسك لإنجاز كل شيء دفعة واحدة.
• ابحث عن أصدقاء صالحين يشجعونك على الخير، ويذكرونك بالله.
• انضم إلى حلقات ذكر أو دروس علم في المسجد.

• اجعل لك وردًا يوميًا من الأذكار، مثل قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، و"أستغفر الله العظيم وأتوب إليه".
• ادعُ الله دائمًا أن يثبتك، وكرر دعاء النبي ﷺ: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".
• إذا شعرت أنك لا تستطيع السيطرة على نفسك، فلا تتردد في طلب المساعدة من مستشار نفسي متخصص في علاج الإدمان.

• تذكَّر أن الانتكاسة ليست فشلًا، بل هي جزء من عملية التعافي، فالدراسات تشير إلى أن التعافي من الإدمان يتطلب وقتًا، وقد يمر الشخص بمراحل من التقدم والتراجع، ولعل هذا هو إجابة سؤالك: "هل الرجوع للإباحية بعد التسعين يومًا يفقدني كل ما تعافيت منه من قبل أم لا؟".

• تذكَّر أيضًا أنك في كل مرة تتوب فيها، فإن الله يغفر لك ويعينك على المضي قدمًا، فلا تيأس من التوبة والعودة إلى الله تعالى، ولكن لتكن توبتك جادة وصادقة، وليس مجرد حيلة للعودة إلى الذنب مرة أخرى، وتذكر أن الله معك، وأنه يحبك طالما أنك تسعى للتوبة والإصلاح.

• لا تدع الشيطان يثنيك عن طريقك، ولا تيأس من رحمة الله، قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر:53].

أسأل الله أن يرزقك الثبات، وأن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويعينك على تحقيق أهدافك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً