الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد الزواج اكتشفت سوء أخلاقها، فهل أطلقها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوج منذ ثلاثة أشهر، وقد جاءتني أكثر من نصيحة وتحذير، بعدم التقدم لخطبة هذه الفتاة، لكنني قلت في نفسي: إنها فتاة جيدة وسأتزوجها، رغم أن أهلي وكثيرًا من الناس حذروني من عائلتها.

بعد الزواج، اكتشفت أن بعض أهلها -من عمّاتها وخالاتها- سافرات، ويتعاملن بالسحر والشعوذة، ويتحدثن مع الرجال، وبعضهن لديهن علاقات محرّمة.

أما زوجتي، فهي عنيدة ولا يعجبها شيء، وقد حاولت معها كثيرًا باللين، وأحيانًا بالهجر، لكن لا يوجد تفاهم حقيقي، نحل المشكلة، ثم تعود من جديد بعد يوم أو يومين.

تحدثت مع والدها ووالدتها أكثر من مرة، ولكن دون أي حل عملي على أرض الواقع، زوجتي لا تحترمني أمام الناس، ولا أمام أهلي أو أهلها، وقد قامت بسبّ الدين مرتين، وسبّ الله مرتين، وفي كل مرة كنت أصبر عليها، وأطلب منها أن تتوضأ وتصلي ركعتين لله.

أعطيتها مهلة لمدة 30 يومًا لإصلاح نفسها، لكنني الآن في حالة من الندم الشديد؛ لأنني اخترت هذه العائلة لتكون نسبًا لأبنائي، علمًا أن والدها هجر والدتها منذ ثلاث سنوات.

هل عليّ إثم إن طلّقتها؟ وما الحل؟ لأنني لم أعد أحتمل هذا الوضع نفسيًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Museb حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا يخفى عليك -ابننا الفاضل- أن الطلاق حق للرجل، ولكن نحن نتمنى قبل أن تلجأ وتصل لهذه المرحلة، أن تستخدم وسائل العلاج، واحتسب الأجر والثواب عند الله، وتذكَّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلاً -طبعًا أو امرأة- خير لك من حمر النعم» فكيف إذا كانت المرأة هي هذه الزوجة التي أصبحت في طريقك، وأصبحت في عصمتك! ونسأل الله أن يعينك على إصلاحها.

وعليه نحن نرى أن تبدأ بمحاولات الإصلاح والتصحيح، وتذكيرها بالله -تبارك وتعالى- ودعوتها إلى الصلاح، والبعد عن سبّ الدين والإساءة للذات الإلهية، والبعد عن هذه المخالفات الكبرى والعظيمة والخطيرة، أرجو أن تأخذ الدعوة مساحة قبل أن تتخذ قرارك.

أنت صاحب قرار، في كل لحظة تستطيع أن تتخذ القرار، فالقِوامة بيدك، والزوجة أيضًا ظاهر وواضح عندها العصيان والتمرد والهجران، لكن بعد ذلك ستعود إلى أسرتها، ستعود إلى ذلك الوضع الصعب الذي أشرت إليه، البيئة التي كانت فيها.

وإذا كنت تستطيع إنقاذها وإخراجها من هذا الوضع، وردها إلى الله -تبارك وتعالى- وتحذيرها من المخالفات، وتتعاهد معها على أن تبدأ معك حياة عامرة بالطاعات، فعند هذه الأحوال سيكون ثوابك عظيمًا جدًّا.

أمَّا إذا كان هذا غير ممكن، فلا ننصحك بالاستمرار في حياة يُعصى فيها الله، وتُسبّ فيها الذات الإلهية -عياذًا بالله تبارك وتعالى-، ونعتقد أن المدة غير كافية، لكن هي ستعطي مؤشرات: فإذا رأيت منها لينًا واستجابة ورغبة في التغيُّر، فأرجو أن تطول المدة، إذا كان هناك استجابة ورغبة فيما عند الله تبارك وتعالى.

ولست أدري لما تأمرها أن تتوضأ وتصلي ركعتين، وتتوب وترجع إلى الله تبارك وتعالى، هل تطاوعك في ذلك؟ هل تفعل ذلك عن رضا وقناعة، وتشعر بالندم لعصيانها لله تبارك وتعالى؟ لأن هذا مؤشر يعطينا: هل عندها الاستعداد للتحسن؟ ليست المشكلة أن يكون الإنسان عنده أخطاء، لكن المشكلة أن يكون مع ذلك ليس عنده استعداد في التحسن، أو لا يشعر بالندم، ولا يشعر بالرغبة في تصحيح الوضع، هنا تكون الكارثة.

أمَّا إذا كان عندها رغبة وتريد أن تصلح من حالها، وتحسن من وضعها وعلاقتها بربها، فنسأل الله أن يُعينك على تحمل هذه المسؤولية، رغبة فيما عند الله تبارك وتعالى.

أكرر: أنت صاحب قرار، وشكرًا لك على استشارتك، والإنسان يستشير ويستخير، ثم يتخذ القرار الصحيح الذي ينبغي أن ننظر إلى جميع الزوايا فيه، إلى الأبعاد، إلى مآلات الأمور ونتائجها، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً