الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتِ بالندم على ما كان منك من تصرف تجاه هذين الطفلين، ونسأل الله أن يتقبل منك توبتك. واعلمي أن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها من الذنوب، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82].
وروى ابن ماجه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له.
فاستشعري رحمة الله، وعظم مغفرته، وأنه مهما عظم الذنب فمغفرته أوسع، وأنه يحب التوابين. ولا تتركي المجال للشيطان ليدخل عليك الأحزان، ويشغلك عن السعي إلى ما ينفعك في دينك ودنياك، فتشاغلي عن هذه الخواطر، وأكثري من ذكر الله، قال -عزَّ وجلَّ-: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]، واصرفي همتك إلى ما ينفعك في دينك ودنياك، ومن تاب من ذنبه، فإن الله سبحانه لا يعاقبه بسببه لا في العاجل ولا في الآجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ونحن حقيقة قولنا إن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا شرعًا ولا قدرًا. انتهى.
ولا يلزم أن يكون وجود ابنك مع أبيه بعيدًا عنك عقوبة على ذنب، بل قد يكون مجرد ابتلاء، فاصبري واستمري على التواصل معه، وتعاهديه بالتوجيهات الحسنة، وأكثري من الدعاء والاستغفار له ولابنتك، وسؤاله سبحانه أن يحفظهما، وينبتهما نباتًا حسنًا على مبادئ الدين وقيمه النبيلة.
والله أعلم.