الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم نصًا صريحًا من الكتاب أو السنة بأن آكل المال الحرام لا بد أن يعاقب في الدنيا، فقد تعجَّل له العقوبة في الدنيا، وقد يؤخر عقابه إلى الآخرة، وإذا وقع أكل المال الحرام بطريق الغصب أو السرقة ونحوها من الظلم للعباد، فإن هذا بغي على الناس، وقد ورد في السنَّة ما يدل على أنه حري بالباغي أن تعجل له العقوبة في الدنيا، مع ادخار عقوبة الآخرة له أيضًا.
فعن أبي بكرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدّخر له في الآخرة، من البغي، وقطيعة الرحم. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وأمّا تأثير معاصي الوالد على أولاده، فهذا حاصل من حيث الجملة، ولكن لا يلزم في كل شخص، ولا في كل ذنب بعينه، فقد يعاقب الوالد على معصيته بما يراه من سوء في أولاده، وما يصيبه من مشقة بسبب ذلك، ولكنها في حق الأولاد أنفسهم ليست عقوبة لهم! وإنما ابتلاء واختبار، كسائر أنواع البلاء، قد تكون رفعة في الدرجات، أو كفارة للسيئات، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتاوى: 106877، 169955، 504097.
والله أعلم.