الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفصل في مسائل النزاع والخصومات المالية، مَرَدُّهُ إلى المحاكم الشرعية، أو من ينوب منابها؛ وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوى، والبينات، والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.
وأمَّا المفتي؛ فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء؛ ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا.
والذي يمكن أن نفيد به السائل إجمالا أن: الأصل الذي عليه جمهور الفقهاء في الدّين أنه يقضى بمثله لا بقيمته، ولا يصح ربطه بمستوى الأسعار، أو بمعدل التضخم، وراجع في ذلك الفتويين: 20224، 99163.
ولكن إذا انخفضت قيمة العملة بشكل كبير ومجحف، فقد اختلف أهل العلم في تأثير ذلك على أداء الحقوق المالية، وهل تُقضَى بمثلها أم تراعى قيمتها؟ والراجح عندنا هو اعتبار قيمة العملة إذا حدث غبنٌ فاحش، أو انهيار للعملة، يتحقق به ضرر معتبر على صاحب الحق، وراجع في تفصيل ذلك، وكيفية حسابه الفتويين: 348040، 466858.
وننبه هنا على أن المبلغ الذي اشترى به السائل السيارة الجديدة إن كان أخذه على سبيل القرض من زوجته -كما هو ظاهر السؤال-؛ فإنه مضمون عليه، بغضّ النظر عن حال السيارة، فلو تلفت السيارة أو هلكت، فهو مضمون عليه لزوجته كاملاً، وإن سلمت السيارة، وارتفع سعرها، فهي له، فالغنم بالغرم.
وأمّا إن وضعت الزوجة مالها في السيارة على أنها ملكها هي، فضمانها عليها، فإن تلفت أو هلكت فعليها، وإن سلمت وغلت فلها هي. وانظر للفائدة الفتوى: 437605.
والله أعلم.