الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهدي النبوي إذا سمع شخص كلامًا من طرف يتعلق بطرف آخر، أن يعلّق ذلك على صحة كلام القائل، يدلّ على ذلك الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وعليه فكان ينبغي أن تعلّق نصحك لزميلك وما أشرت عليه به على صحة ما يقول في حق زوجه، بل ما كان ينبغي لك التدخل في هذا الأمر؛ إلا إذا كان تدخلك من أجل الإصلاح مثلًا.
وإن كان صديقك يفكر في طلاق زوجته، فكان ينبغي أن تنصحه بالسعي في سبيل الإصلاح، وهو ما أرشد إليه الشرع عند حدوث الخلافات بين الزوجين، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 35}. وقال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء: 128}.
وأمّا الطلاق، فلا ينبغي المصير إليه، إلا إذا استحالت العشرة، وترجّحت مصلحة، وكان السبيل الوحيد للحل؛ فالطلاق تترتب عليه آثار سيئة في الغالب، ولذلك ذهب بعض أهل العلم أن الأصل فيه المنع، وأنه يلجأ إليه عند الحاجة، وسبق نقل بعض النصوص في ذلك عن العلماء في الفتوى: 486970.
وممّا ننصحك بالقيام به في مثل هذه المواقف: التثبت مما يأتيك من خبر، وعدم التسرع في الحكم، قال عزَّ وجلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات: 6}، وإن تبين نوع من الظلم من طرف لطرف آخر، أن تنصح الظالم، وتكفّه عن الظلم، ففي الحديث عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: تأخذ فوق يديه.
وكذلك السعي في الصلح بنفسك، أو بالاستعانة بمن يمكن أن يكون لهم تأثير من أقارب الزوجين، أو غيرهم.
والله أعلم.