السؤال
أنا متزوجة منذ سبع سنوات ولديَّ طفلان: الكبير عمره ست سنوات والصغير عمره ثلاث سنوات. حدثت بيني وبين زوجي مشكلة؛ فقد وردني اتصال من رقم غريب منذ فترة، وسمحت لهذا الشخص بالتحدث معي، ولم أقم بمسح سجل المكالمات. وعندما اكتشف زوجي الأمر، أصبح مصمماً على الطلاق ولا رجوع فيه. حاولت كثيراً التحدث معه، وأخبرته بأنني تبت إلى الله عزَّ وجلَّ، وأني نادمة تماماً على ما فعلت. ومع ذلك، هو ما زال مصمماً ويقول لي إنه لا يستطيع العيش معي مرة أخرى، وغير واثق فيّ.
كل بني آدم خطاء، وأنا تبت عن خطئي وأحتاج منه فرصة ثانية. أريد أن أثبت له أنني تغيرت، وأتمنى مساعدته لي في أي طلب أو حكم يراه. كيف يمكنني التعامل مع هذا الموقف؟ وما حكم هذا الذنب؟ وكيف أستطيع أن أجعله يسامحني؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل منك من الكلام مع الرجل الأجنبي غير جائز، فهذه العلاقات باب شر عظيم، وفساد عريض، وكم هدمت من بيوت، وأوقعت في مصائب، وأورثت ندماً وحسرة. لكن ينبغي على زوجك إذا ظهرت له توبتك ألا يطلقك؛ فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.
فإذا كنتِ قد صدقتِ في توبتكِ؛ فأبشري بالخير؛ فالله تعالى يحبّ التوابين، ويفرح بتوبتهم، والتائب لا يعاقب على ذنبه في الدنيا ولا في الآخرة.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا شرعًا ولا قدراً. انتهى.
فاثبتي على توبتك، ولازمي التقوى والصبر، وفوضي أمرك إلى الله، وأكثري من دعائه، وأحسني الظنّ به، فلن يضيعك الله، وستكون عاقبتك خيرًا، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 90].
قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: أي يتق الله ويصبر على المصائب، وعن المعاصي، (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي الصابرين في بلائه، القائمين بطاعته. انتهى.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: ومنها: فضيلة التقوى والصبر، وأن كل خير في الدنيا والآخرة فمن آثار التقوى والصبر، وأن عاقبة أهلهما أحسن العواقب. انتهى.
والله أعلم.