الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام نفقة الزوجة على البيت والمطالبة بها، والسفر بإحدى الزوجتين

السؤال

أنا مهندسة، متزوجة من مهندس منذ خمس عشرة سنة، ولديّ أربعة أبناء، أسأل الله أن يبارك فيهم.
وقفت بجانب زوجي في مِحن كثيرة، وعملت معلمة في مدرسة أولادي حتى أساعد في المصاريف، وأستفيد من تخفيض رسوم الدراسة. كما بعت ذهبي حتى نتمكن من شراء بيت أكبر يناسب الأولاد، وكان ذلك بناءً على وعد من زوجي بأن يُعيد لي الذهب لاحقًا.
وبعد أن تحسنت أحوالنا، والحمد لله، تغيّر حاله فجأة، وتعرّف إلى زميلة له في العمل تكبره بعشر سنوات، وهي امرأة كانت متزوجة أكثر من مرة، ولديها أبناء. بدأت تقترب منه شيئًا فشيئًا، حتى فوجئتُ بعد ثلاثة أشهر بأنها قد أصبحت زوجته، وقد أخبرتني هي بنفسها بذلك، دون سابق علم مني.
ورغم ذلك، لم أطلب الطلاق حرصًا على أولادي، وقررت أن أتحمل الأمر وأعتبره ابتلاءً من الله. فهل من حقي أن أطالب باسترداد ذهبي الذي بعته لصالح الأسرة؟ وهل يحق لي المطالبة بتعويض أو تقدير مادي عن سنوات عملي الطويلة كمعلمة في المدرسة لمساعدة الأسرة؟ وهل من العدل أن يسافر مع زوجته الثانية للسياحة، في حين أنه لم يسافر معي منذ زواجنا؟ هذا الأمر يؤلمني كثيرًا، وقد صارحته بذلك، لكنه لا يشعر بما في نفسي.
وأصبح كثير الشكوى من مصاريف البيت والأولاد، وكأنني السبب في ذلك، وهذا يُشعرني بالظلم. فما العمل في مثل هذا الوضع؟ وهل ما أشعر به من حزن وألم وعدم عدالة، له اعتبار في شرع الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا نشكرك على ما كان منك من وقوف بجانب زوجك عند المحن، ومساعدتك له، وهذا مما يدل على كريم خلقك، وحسن عشرتك، ورجاحة عقلك، فجزاك الله خيرًا.

وزواج الرجل من ثانية أباحه الشرع بشرط العدل بين الزوجتين، كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء: 3}، ولم يجعل الشرع إعلام الزوجة الأولى شرطًا، ولكن قد يكون إعلامها أفضل حتى لا تتفاجأ بما يكسر خاطرها.

وبما أن الأمر قد حصل، والزواج قد تم، فمن حكمة الزوجة وكمال عقلها أن تحافظ على أسرتها، وأن تسعى في كل ما يكون سببًا لاستقرارها، لينشأ الأولاد في بيئة معافاة، فينعكس ذلك إيجابًا على تربيتهم، فيكونوا قرّة عين لها في الدنيا والآخرة.

وذهبك، أو ثمنه، لم تذكري لنا على أي وجه أخذه زوجك، هل على وجه الاقتراض، أو على وجه اشتراكك معه في المنزل؟

على كل حال؛ إن كنت أعطيته له على سبيل القرض، فلك مطالبته به، ويجب عليه تسديده لك كأي دين من الديون، وللفائدة راجعي الفتوى: 348040.

وننصح بالتفاهم والتراضي في مثل هذا.

وليس لك الحق في مطالبته بمقابل ما كان من تخفيض لنفقات دراسة الأبناء بسبب عملك معلمة في المدرسة.

ولا يحق للزوج السفر بإحدى زوجتيه دون قرعة، أو رضا الأخرى على الراجح عندنا، وإن سافر بها بغير قرعة أو رضا الأخرى، فإنه يأثم، ويلزمه القضاء لها؛ كما هو مبين في الفتوى: 163469.

ولكن لا يلزمه السفر بها للنزهة كما سافر بالأخرى لهذا الغرض، ولمعرفة ما يجب فيه العدل بين الزوجات وما لا يجب فيه العدل بينهن، يمكن مطالعة الفتويين: 51048، 191199.

ونفقة الزوجة ومن لا مال له من الأولاد الصغار، واجبة على الزوج بقدر الكفاية، وحسب قدرته ويساره، قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا {الطلاق: 7}.

ولا ينبغي للزوج الشكوى من ذلك والتضجر، وخاصة إذا كان ذلك عند الزوجة والأولاد، فقد يكون في ذلك أذى لهم، وكسر لخواطرهم.

وننصح بالتفاهم والحوار، والعمل على ما يحفظ كيان الأسرة، ويغلق أبواب الشيطان للفتنة والخصومة والفرقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني