السؤال
اعتاد رجلٌ في شهر رمضان أن يُصلِّي العشاء في المسجد مع الجماعة، ثم يُتبعها بأداء قسطٍ من صلاة التراويح معهم، بعد ذلك يعتزل في ركنٍ من أركان المسجد، مكتفيًا بالإنصات إلى الإمام عند تلاوة القرآن، فإذا ركع المصلّون أو سجدوا، ظلّ هو يُسبِّح ويذكر الله سرًّا، وهكذا حتى نهاية الصلاة.
وأحيانًا، يغادر المسجد بعد أداء الشفع والوتر منفردًا، وأحيانًا يمكث حتى انتهاء التراويح، ليعود ويصلي الشفع والوتر مع الجماعة. فهل يجوز له هذا النمط من التعبُّد شرعًا؟ أم يوجد فيه ما يستوجب التصحيح؟
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعله الرجل المذكور خلاف الأفضل، بل كان من الأفضل في حقه أن يواصل صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف منها، لما في ذلك من الثواب العظيم. فقد قال صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة. رواه الترمذي، وغيره، وصححه الإمام العيني والطحاوي.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: وقيل لأحمد بن حنبل: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال: يصلي مع الناس.
قال: ويعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال النبي: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف، كُتِب له بقية ليلته.
قال أحمد -رحمه الله-: يقوم مع الناس حتى يوتر معهم، ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام.
قال أبو داود: شهدتُّه -يعني أحمد رحمه الله- شهر رمضان يوتر مع إمامه، إلا ليلة لم أحضرها. اهـ.
لكن لا يأثم الرجل المذكور بما فعله من ترك بعض صلاة التراويح، وراجع الفتوى: 375742.
وعلى افتراض أن ذلك الرجل قد ترك التراويح من أصلها، لم يلحقه إثم؛ لأنها سنة، وليست بواجبة، لكن يكون قد فوّت على نفسه خيرًا كثيرًا، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه.
والله أعلم.