الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواز صمت البكر في النكاح وكلامها أبلغ

السؤال

هل يجب على البكر أن تصمت عند استئذانها في الزواج؟ عملًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذنها صمتها)، أم يجوز لها أن تُعبّر عن موافقتها بالكلام؟
أرجو بيان الحكم مع التفصيل بين المذهب الظاهري وغيره من المذاهب الفقهية.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الحديث لا يدل على أنه يجب على البكر أن تسكت في حال مشاورتها في أمر الخاطب، بمعنى أنها لا تأثم، ولا يتوجه إليها ذم إن تكلمت، بل يجوز سكوتها، ويجوز كلامها؛ كما سيأتي بيانه، ولكن ذكر بعض أهل العلم كابن حزم أن سكوتها هو المعتبر في رضاها، وأنها إذا تكلمت لم يدل ذلك على رضاها، ولا ينعقد به نكاحها.

قال ابن حزم في المحلى: وكل بكر فلا يكون إذنها في نكاحها إلا بسكوتها، فإن سكتت فقد أذنت ولزمها النكاح، فإن تكلمت بالرضا أو بالمنع أو غير ذلك، فلا ينعقد بهذا نكاح عليها. انتهى.

وقال ابن القيم في زاد المعاد: وقضى صلى الله عليه وسلم بأن إذن البكر الصمات، وإذن الثيب الكلام، فإن نطقت البكر بالإذن بالكلام فهو آكد.
وقال ابن حزم:
لا يصح أن تزوج إلا بالصمات، وهذا هو اللائق بظاهريته. اهـ.

وعلامة رضا البكر بالخاطب سكوتها، بناء على ما يغلب في طبعها من الحياء.

قال شمس الحق أبادي في عون المعبود: (وإذنها صُماتها): بضم الصاد، أي: سكوتها، يعني لا تحتاج إلى إذن صريح منها، بل يكتفى بسكوتها، لكثرة حيائها. انتهى.

فالمقصود أن الصمت كافٍ في الدلالة على رضاها. ولا يمنعها ذلك من أن تتكلم إن شاءت، بل كلامها أبلغ في الدلالة على موافقتها؛ كما في كلام ابن القيم السابق.

قال ابن قدامة في المغني: فصل: فإن نطقت بالإذن، فهو أبلغ وأتم في الإذن من صمتها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني