رغم اجتهادي لم أحقق أهدافي، فهل من نصيحة تفتح لي الآفاق؟
2025-10-14 02:06:30 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود طلب نصيحتكم وإرشادكم في ظروفي الحالية، فقد جربت كل الحلول دون جدوى، والحمد لله على كل حال.
أنا رجل يبلغ من العمر نحو 37 عامًا، ملتزم دينيًا، وأسعى دائمًا لتطوير نفسي، سافرت سابقًا إلى إحدى الدول الغربية للعمل لمدة عام ونصف، وكان شرط الإقامة الدائمة الحصول على درجة 79 في امتحان اللغة الإنجليزية، حصلت على أكثر من 79 في ثلاثة أقسام، و78 في قسم واحد، عملت هناك، لكنني لم أتمكن من إيجاد عمل مستمر قبل انتهاء التأشيرة، فعُدت إلى بلدي، ومنذ ذلك الحين لم يكن لدي أي مصدر دخل، مما جعل الاعتماد على نفسي أمرًا بالغ الصعوبة.
منذ عام 2018، تقدمت للامتحان ثلاث مرات، وكانت أعلى درجاتي 90-85-60-65، وركزت السنوات السبع الماضية على تطوير لغتي، حاليًا، الامتحان متاح فقط بالسفر إلى دولة مجاورة، وهو مكلف جدًا.
حاولت العمل الحر عبر الإنترنت منذ عامين، واتبعت كل النصائح الممكنة، لكنني لم أجد عملاء، كما أن التقديم على وظائف محليًا ودوليًا لم ينجح، غالبًا بسبب نقص الخبرة.
أفضل العمل في الدولة الغربية السابقة لتحقيق أهدافي، وعيش حياة كريمة، والحفاظ على التزامي الديني، فقد كانت حياتي هناك منظمة، وأتاحت لي فرصة تعلم مهارات عملية ومعيشة مستقرة، مما عزز ثقتي بنفسي.
أتمنى أن أتمكن من تطوير مهارات جديدة تفتح لي أبواب رزق إضافية مستقبلًا، وتساعدني على الاستقلال المالي الكامل.
أخصص نصف يومي لمساعدة والدي، والنصف الآخر لتطوير عملي ولغتي، لكن الضوضاء وصعوبة التركيز تحدّان من تقدمي.
أشعر أحيانًا أن الآخرين يحاولون التلاعب بي أو قهري أو إهانتي، وأحيانًا أحس أن هناك من يراقبني ويستغل أي ضعف لعرقلة تقدمي، مما يزيد شعوري بالحيرة وفقدان الثقة، ويجعلني محاصرًا في دوامة يصعب الخروج منها.
تحدثت مع أخصائي نفسي سابقًا، ونصحني بأربعة حلول: استغلال قدراتي، استخدام لغتي كمصدر دخل إن كانت تؤهلني لذلك، توظيف مهارة موجودة، أو تعلم مهارة جديدة، لكن هذه الحلول لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن.
أرجو منكم توجيهًا صادقًا وواضحًا، وتقديم نصائح عملية تساعدني على الخروج من هذه الدوامة، وبدء حياة جديدة مثمرة أحقق فيها أهدافي الدنيوية والأخروية، وأستغل ما تبقى من عمري بشكل مفيد، وأتمكن من بناء مصدر دخل مستقر يتيح لي الاستقلالية وتحقيق أهدافي بعزة وكرامة، وأن أستفيد من قدراتي بما يخدم مستقبلي وديني، ويضمن استمراري في التعلم والنمو المهني والشخصي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ٍSomeone حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وأسأل الله أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويرزقك من واسع فضله رزقًا طيبًا مباركًا.
دعني -بارك الله فيك- أقسم حديثي معك إلى أربعة محاور عملية تساعدك -بإذن الله- على استعادة زمام المبادرة، وبناء طريق واضح نحو التغيير -إن شاء الله-:
أولًا: إعادة ترتيب البوصلة الذهنية والنفسية: أنت تعيش منذ سنوات في دائرة ضيق متراكبة: ضغط مالي، عزلة مهنية، وإحساس بالخذلان، هذه العناصر الثلاثة إذا اجتمعت جعلت التفكير مشوشًا والرؤية ضبابية، حتى وإن كان الإيمان قائمًا والعقل راجحًا، لذا أول ما تحتاجه ليس خطة جديدة، بل استعادة صفاء الذهن والثقة.
ولتحقيق ذلك:
1. افصل بين ما تملكه وما لا تملكه:
• ما تملكه: تدينك، لغتك، ووعيك، وصبرك، وإرادتك.
• ما لا تملكه: قرارات الآخرين، فرص العمل الجاهزة، الظروف الاقتصادية.
ركّز على الأولى، وتوكّل على الله في الثانية.
2. اضبط طريقة التعامل مع يومك بثبات:
لا تجعل الضوضاء ولا العوائق الخارجية تخرجك من نظامك، حاول إيجاد وقت محدد يوميًا -ولو بعد الفجر أو الليل- تراجع فيه نفسك، وتكتب فيه ما تريد وما أنجزت.
3. لا تفسر نظرات الناس أو مواقفهم كاستهداف أو مراقبة، فغالبًا ما تكون تلك النظرة منك نتاج تراكم ضغط وحساسية عالية من الإحباط المتكرر، تجاهل ما لا تتيقّن منه؛ لأن ظنون الشر تسرق منك طاقتك وتركيزك.
ثانيًا: استثمار اللغة والمهارات المكتسبة:
لقد وصلت إلى مستوى لغوي جيد، وهذا رأس مال متميز، ولكن لا بد من تحويل اللغة من هدف إلى أداة، ولتحقيق ذلك يمكنك فعل ما يلي:
1- مجالات يمكن أن تبدأ منها :
• تدريس اللغة العربية للناطقين بالإنجليزية عبر المنصات التعليمية، هذا المجال يطلب مدرسين يجيدون الإنجليزية، ويشرحون بالعربية، وهو مجال جيد نسبيًا.
• الترجمة: يمكنك التخصص في ترجمة النصوص التقنية، أو الدينية، أو التعليمية.
• تدريس اللغة الإنجليزية للأطفال العرب خاصة طلاب المدارس.
2 - يمكنك كذلك أن تستثمر مهارتك اللغوية لتعلّم مهارة تقنية داعمة مثل:
• تحرير الفيديوهات التعليمية (مطلوبة جدًا في التعليم عبر الإنترنت).
• تصميم العروض التقديمية، أو المحتوى التعليمي باستخدام أدوات بسيطة.
هذه المهارات يمكن تعلمها خلال شهرين على مواقع تعليمية مجانًا.
ثالثًا: التوازن الإيماني والنفسي
أنت تريد حياة كريمة تحفظ لك دينك وكرامتك، وهذه غاية شريفة، لكن الطريق إليها ليس خطًا مستقيمًا، بل لا بد أن يمر عبر ابتلاء وصبر، ثم فتح من الله.
• اجعل عبادتك زادًا لا واجبًا فقط، الصلاة والذكر والتلاوة يجب أن تكون زادًا روحيًا لا عبئًا على القلب.
• اربط عملك بنيّة صالحة: كل تعلّم، أو جهد، أو كتابة تنوي به خدمة الناس، وإعمار الأرض هو عبادة.
• استعن بالله، ثم بخبير نفسي إيماني الطابع إذا تكررت مشاعر المراقبة، أو القهر، لا ضعفًا منك، بل حفاظًا على صفاء ذهنك.
رابعًا: قد أكرمك الله بنعم كثيرة هي أمنية لغيرك، فالعقل أمنية للمجنون، والعافية أمنية للمريض، والحركة أمنية للقعيد، والحرية أمنية للسجين، ووجود الوالدين من أعظم العطايا بعد التوحيد، فأمعن النظر في كل تلك العطايا، وكرر النظر إليها حتى لا يتسرب إليك اليأس.
خلاصة القول: أنت لا تحتاج إلى خطة معقدة، بل إلى اتجاه واحد واضح وثابت.
ابدأ بخطوة واحدة عملية هذا الأسبوع:
اختر بين (التدريس – الترجمة – الكتابة أو ما تريده )، وابنِ منها مشروعًا مصغرًا ترى ثماره قبل نهاية العام.
وتذكّر قوله تعالى: (َمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب).
نسأل الله أن يحفظك، وأن ييسر أمرك، والله الموفق.