كلما قررت تغيير تخصصي الحالي إلى التخصص الآخر أواجه معوقات!

2025-10-14 00:59:24 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

احترت كثيرًا بين تخصصين في الجامعة، وتوكلت على الله، واخترت أحدهما، لكن كان الميل في قلبي دائمًا نحو التخصص الآخر، وشعرت بالحزن تجاهه، استخرت كثيرًا، وعندما كنت أخرج من البيت لتغيير تخصصي الحالي إلى التخصص الآخر، كنت أواجه معوقات، أو شعورًا بالضيق في القلب، أو ترددًا شديدًا، أو خوفًا من الندم، أو حتى عدم التيسير بالشكل الذي كنت أتخيله.

وعلى العكس، التخصص الذي أنا فيه الآن كان سهلًا بالنسبة لي من حيث التسجيل وأجواء المحاضرات.

فماذا عليّ أن أفعل الآن؟ هل أتوجه إلى التخصص الذي أشعر أنني أميل إليه وأرى نفسي أعمل فيه، رغم وجود إشارات كثيرة تدعوني للابتعاد عنه، مثل حلم رأيته ليلة قراءتي لدعاء الاستخارة وكان مقلقًا، أم أستمر في التخصص الذي يسّره الله لي من حيث التسجيل والحضور؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شروق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة: أسأل الله أن ييسر لك أمرك، ويشرح صدرك لما فيه الخير لك في الدنيا والآخرة.

ما تمرين به من حيرة وتردد هو أمر طبيعي، خاصة عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات مصيرية مثل اختيار التخصص الجامعي، سأحاول أن أقدم لك نصيحة شاملة تجمع بين التوجيه الإسلامي، والحكمة العملية:

1. الاستخارة هي سنة عظيمة أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم عندما نحتار في أمر ما، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن..." [رواه البخاري].

الاستخارة ليست فقط طلبًا للإرشاد، بل هي أيضًا تسليم كامل لله، وثقة في أن ما يقدره الله هو الخير، إذا كنت قد استخرت الله، وشعرت بتيسير في أحد التخصصات؛ فهذا قد يكون علامة على الخير فيه.

2. علامات التيسير في الاستخارة، من علامات الخير في هذا الأمر: أن ييسره الله لك، ويشرح صدرك له، قال الله تعالى: "فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" (سورة آل عمران: 159).

إذا وجدت أن التخصص الحالي كان سهلاً في التسجيل والحضور، وشعرت براحة نسبية فيه؛ فهذا قد يكون إشارة إلى أن الله يوجهك نحوه.

3. الأحلام ليست دائمًا دليلاً قاطعًا بعد الاستخارة؛ فقد تكون انعكاسًا لما يدور في عقلك الباطن؛ لذلك، لا تعتمدي فقط على الأحلام، بل انظري إلى التيسير والراحة النفسية التي تشعرين بها، إلا إذا كانت رؤيا ولها رموز تعبير واضحة، فهنا يمكن الاستئناس بها بعد عرضها على معبر حاذق.

لا تخافي من اتخاذ قرار قد يبدو صعبًا، فكل قرار يحمل في طياته فرصًا للتعلم والنمو.
إذا كنتَ ذا رأيٍ فكن ذا عزيمةٍ ** فإن فسادَ الرأي أن تترددا

التردد قد يعوقك عن المضي قدمًا؛ لذا اتخذي قرارًا بعد التفكير والتوكل.

بعض الإرشادات العملية:
• اكتبي قائمة بمزايا وعيوب كل تخصص.
• فكري في المستقبل المهني لكل تخصص: أيهما يحقق طموحاتك وأهدافك؟
• تحدثي مع أساتذة أو طلاب في التخصصين.
• اسألي عن طبيعة العمل بعد التخرج من كل تخصص.
• إذا كان التخصص الذي تميلين إليه يتطلب مهارات معينة، جربي أن تقومي ببعض الأنشطة أو الدورات القصيرة فيه لتتأكدي من شغفك.
• كثير من الناس ينجحون في مجالات مختلفة عن تخصصاتهم الجامعية، المهم هو أن تكتسبي مهارات قابلة للتطبيق في الحياة العملية.
• لا تتوقفي عن الدعاء بأن يشرح الله صدرك، وييسر لك الخير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها." [رواه أحمد].

• التردد شعور طبيعي عند اتخاذ قرارات كبيرة، لكن تذكري أن الندم لا يجب أن يكون عائقًا، كل قرار تتخذينه هو فرصة للتعلم والنمو؛ لذلك إذا شعرت بالقلق أو التردد، جربي تمارين التنفس العميق، أو التأمل مع ذكر الله، قال الله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (سورة الرعد:28).

• ثقي أن الله سيبارك في قرارك إذا كانت نيتك خالصة له، ولا تخافي من الفشل؛ فهو جزء من رحلة النجاح.

ختامًا: أختي الكريمة، أسأل الله أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، تذكري أن كل قرار تتخذينه هو جزء من قضاء الله وقدره، وأن الخير فيما يختاره الله لك، استمري في الدعاء والاستخارة، واستشيري أهل الخبرة، ثم اتخذي قرارك بتوكل وثقة.

وفقك الله، وسدد خطاك.

www.islamweb.net