الخوف من الموت يلازمني، فكيف أتخلص منه؟

2025-10-08 03:33:33 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، عمري 22 سنة، عندما كنت صغيرة تعرّضتُ مرتين في حياتي للخوف من الموت، وكان يستمرّ بالكاد ساعة واحدة، ثم أنام وأستيقظ في اليوم التالي ولا أشعر بشيء.

منذ نحو 5 أشهر قرأت خبرًا عن وفاة فتاة مشهورة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ ماتت فجأة بجلطة قلبية وهي نائمة، مع أنّها لم تكن تعاني من أي مرض، فخفتُ كثيرًا ودخلتُ في دوامة من الوساوس، وأصبح الخوف من الموت ملازمًا لي ليل نهار، لا يفارقني أبدًا، حتى صار كل تفكيري مشغولًا به، وكلما سمعت خبرًا جديدًا –وكثيرًا ما يُنقل في هذه الأيام عن موت الشباب فجأة– يزداد خوفي أكثر.

بدأت أشعر بنغزات وصداع، وضيق في التنفس، وآلام مختلفة، فأرتعب وأسأل (شات جي بي تي) كلما شعرت بعرض جديد، خوفًا من أن تكون أعراض جلطة.

ذهبت لإجراء الفحوصات، ومنها صورة الرنين المغناطيسي، وتبيّن أنّ جسمي سليم، -والحمد لله- وكلما أجريت فحوصات دم، يظهر عندي فقر دم متوسط.

أثّر الوسواس عليّ كثيرًا، حتى في الصلاة؛ فكنت أحيانًا من شدّة الخوف أصلّي وأنا جالسة؛ بسبب الدوخة، غير أنّي كنت أفضّل الصلاة على أن أتركها.

صرت أفكر بشكل عميق في الحياة وسبب وجودنا، وصرت أدقّق في البشر وفي تصرفاتهم، وأفكّر أكثر من اللازم، حتى أصابني اليأس، وفقدتُ الشعور بأي شيء يجعلني سعيدة، وصرت عالقة بين خوفي من الموت، وعدم وجود ما يُفرحني أو يُنسيني ما أعاني منه، وبات الوسواس أقوى وسيطر على تفكيري.

منذ يومين بكيتُ كثيرًا، ودعوت الله أن يخلصني من هذا الوسواس، لأنّي أشعر أنّي أثقِل على أمّي وأُتعبها، ووالدي مسافر، وكل المسؤوليات على أُمي، وأحسّ أنّها تحزن عليّ في داخلها، وصرت أخاف عليها أن يُصيبها أي شيء، وصار الوسواس يجعلني أخاف على مَن أحبهم، فأصبحت أتخيّل أنّهم قد يموتون.

عزمتُ على مواجهة الأمر والسيطرة على نفسي، بعد دعائي الأخير لله تعالى، فقمت بحذف أغلب التطبيقات، وأحاول ما استطعت الابتعاد عن الأخبار، ووسائل التواصل الاجتماعي، وإن كنت أعلم أنّ هذا ليس حلًا نهائيًا، وأنّي قد أسمع الأخبار من الناس في الواقع وأنتكس بعدها، لكني ألغيت كل شيء.

البارحة أصابتني نوبات متقطعة، يصحبها ضيق في التنفّس، لكنّي حاولت بكل طاقتي السيطرة على أفكاري، ساعدوني، كيف أتخلّص من أفكار موت الشباب المفاجئ؟ وهل يشعر الإنسان بدنوّ أجله قبل أن يموت؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال وبهذه التفاصيل.

أختي الفاضلة: أحمدُ الله تعالى على أنك استنتجت أن حالتك الصحية جيدة، بعد قيامك بالفحوصات والرنين المغناطيسي، ولم يجدوا عندك إلَّا فقر الدم متوسط، وهذا أمر يمكن أن يُتعب الإنسان بعض الشيء، ولا تحتاجين مني أن أُذكرك أن الأعمار بيد الله عز وجل، وكل شيء بتقدير الله عز وجل، فتفكيرك هذا يتعبك نفسياً، ولكنه لن يقدم في أجلك، فالموت والحياة بيد الله وحده.

لك أن تسألي نفسك: ما الذي أستفيده لو فكرت بهذه الطريقة؟
كثرة الوساوس، والتعب النفسي، وتعطيل حياتك، كذلك أمك ستكون حزينة إذا رأتك بهذا الشكل.

والسؤال الآخر: ما المطلوب مني؟
أن تقومي بواجباتك الشرعية والأسرية، فالله سبحانه وتعالى خلقك في هذه الدنيا لأمور عظيمة، أهمها العبادة والطاعة لله سبحانه وتعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ثم القيام بواجباتك الشخصية والأسرية، أن تقومي بما عليك من أمور الدراسة، وواجبات الأسرة، أما ما وراء ذلك ليس مطلوباً منك، فالله قد تكفل برزقك، وهيأ لك حياة تناسبك، فما عليك إلا أن تقومي بواجباتك، ولا تكلفي نفسك فوق طاقتها، ولا تدخليها في صراع الوساوس الذي لا ينتهي.

أختي الفاضلة: نعم من يتابع أخبار وسائل التواصل الاجتماعي سيُذهل بما يسمع من هنا أو هناك، لذلك أعتقد أنك أحسنت في حذف بعض التطبيقات، والتخفيف من تعريض نفسك لوسائل التواصل الاجتماعي هذه، فهي من المشتتات التي يمكن أن تزيد عند الإنسان من المشاعر السلبية، وخاصة إذا أصبح عنده انتباهٌ موجّهٌ لحالات الوفاة الفجائية وغيرها.

لذلك حاولي أن تخففي من هذا، ففيه الفائدة، وخاصة أنك طالبة، أُقدر أنك طالبة جامعية، لا أدري ما تدرسين، إلَّا أن دراستك لا شك تحتاج منك إلى الهدوء والانتباه والتركيز، وهذا لا بد أن يأتي من خلال نمط الحياة الصحي، فهل نمط حياتك اليوم صحي من ناحية العبادة؟ وهذا أمرٌ أعجبني فيك، أنك محافظةٌ على أوقات الصلاة، فبارك الله فيك، ولكن هناك أمور أخرى، ومنها ساعات النوم الكافية، والنشاط البدني، وخاصة للشباب في مثل عمرك، فلا بد من نشاط بدني، وخاصة الطلبة الذين يقضون معظم أوقاتهم وراء مقعد الدراسة، وأيضًا لا بد من التغذية الصحية المناسبة، فحاولي أن تتأكدي من وجود هذه الأمور المتوازنة من نمط الحياة الصحي.

الأمر الآخر: يمكن للإنسان أن تأتيه أفكار سلبية وسواسية، فحاولي أن تدفعيها عن نفسك، متوكلة على الله عز وجل، بأنه حاميك وراعيك، {وإذا مرضت فهو يشفين}، كما قال سبحانه وتعالى، فتوكلي على الله عز وجل، والتفتي إلى دراستك، وإلى علاقتك الطيبة بأُمّك، كونها تقلق عليك، ولكن عندما تراك متبعة لنمط حياة صحي، ستخف عندك هذه الأفكار السلبية، وبالتالي ستنعم والدتك براحة البال، فأنت لها وهي لك، مع سفر والدك.

لا أعتقد أنك في حاجة في هذه المرحلة لزيارة العيادة النفسية، ولكن إن استمر الحال والانزعاج، فيمكنك استشارة الأخصائية النفسية التي عندكم في الجامعة، فلا شك أن هناك ما يعرف بقسم استشارات الطلبة.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، ولأُمُّك براحة البال، ولأبيك بالعودة بالسلامة.

www.islamweb.net