الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرسائل الإيجابية والمحفزة.. هل هي ربانية لجبر الخاطر؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ مدة كنت حزينةً لكثرة ذنوبي وأخطائي، التي كلما حاولت التوبة والابتعاد عنها أجد نفسي قد عدت إليها، وتمنيت أن أموت وأحاسب على ما فعلت، وينتهي كل شيء، ولا أعيش في هذا الحزن من تلك الذنوب.

أنا في حزني هذا، أفتح في هاتفي أحد التطبيقات، وتقع عيني على جملة «اصنع لنفسك أيامًا جميلةً، لا تنتظر من جمال أيامك من أحد»، قلت في نفسي: وكيف أجملها؟ ثم تقع عيني على جملة أخرى بالصدفة: «اقترب من الله يقترب منك كل شيء جميل»، فشعرت بجبر الخاطر، فهل ما حدث لي كان صدفةً؟ وهل هي رسائل من الله؟ وهل توجد رسائل من الله أصلاً؟

أحسست الآن كأنه يخاطبني، ويقول: لا تيأسي من روح الله؛ فإن الجميل قادم، وعليك بالصبر والاقتراب أكثر من الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Bassma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام، نسأل الله تعالى أن يُصلح أحوالنا وأحوالك، ويتوب علينا وعليك.

أولًا: نحن نُهنّئك بفضل الله تعالى عليك حين ألْهمك الصّواب، وحبّب إليك التوبة والحزن على ذنوبك، وهذا الحزن والنّدم هو بداية التوبة، فقد قال الرسولُ ﷺ: «النّدمُ توْبةٌ».

وينبغي أن يكون هذا باعثًا لك على تصحيح الأحوال، والتغيير النّافع، وتدارك الفُرصة قبل فواتها، فالإنسان لا يدري متى يُفاجئه الموت، ولهذا نحن نوصيك -ابنتنا العزيزة- بأن تشكري الله تعالى كثيرًا الذي مدّ في عُمرك، ومتّعك بالبقاء والعافية في هذه الدنيا، إلى أن تتمكّني من تصحيح أحوالك قبل مُغادرتها، فهذه نعمةٌ كبيرةٌ من الله تعالى ينبغي أن تشكُريه عليها بالمسارعة إلى التوبة، والإقلاع عن الذنوب.

والتوبةُ لا بُدّ فيها من أركانٍ ثلاثةٍ:
1. النّدمُ على فعل الذنب في الزمان الماضي.
2. والعزْمُ على عدم الرجوع إليه في الزمان المستقبل.
3. مع الإقلاعُ عنه في الوقت الحاضر.

فإذا تاب الإنسانُ هذه التوبة، فإنّ الله تعالى يمحو بها ذنوبه السابقة، فقد قال الرسولُ ﷺ: «التّائبُ من الذّنْب كمنْ لا ذنْب لهُ».

ولن تجدي جمال الحياة، وهدوء النّفس، واستقرار العيش إلَّا في ظلال طاعة الله تعالى، وهذا وعدُ الله تعالى لكلِّ مَن آمن وعمل صالحًا، فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالحًا مِنْ ذكرٍ أوْ أُنْثى وهُو مُؤْمنٌ فلنُحْيينّهُ حياةً طيّبةً﴾ [النحل: 97]، فحياةُ السعادة والاطمئنان إنما تكون عندما يكون الإنسان منشغلًا بطاعة ربّه، فذلك يعودُ على الرُّوح بأنواع السّعادات.

وهذه الرسائل التي وجدْتيها ساقها اللهُ تعالى بقدرته إليك؛ لتكون مفتاحًا لهذا الباب، ودلالةً على هذا الطريق، وهي من التفاؤل الحسن؛ فإنّ الرسول ﷺ كان يُعجبه الفأل، وقد فَسَّر الفأل بأنّه «الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ ‌يَسْمَعُهَا ‌أَحَدُكُمْ»، وأنت وجدْت كلماتٍ طيبةً ومطابقةً للحال، فاحمدي الله -سبحانه وتعالى- على هذه النعمة التي أدخل بها السرور إلى قلبك، ورغّبك -من حيث لا تدرين ولا تشعرين- في التوبة، ورغّبك في سلوك الطريق الذي يجلبُ لك السعادة، وهذا من لُطف الله تعالى، فإنّ من معاني اسم الله اللّطيف أنّه يُوصل الخير إلى عبده بطرقٍ خفيّةٍ.

فليس ما حدث صدفةً -أيها الابنة الكريمة-، إنما هي هبةٌ وعطيّةٌ من الله تعالى، وجبْرٌ لخاطرك، ولُطفٌ من الله تعالى بك، فاغتنمي هذه الفُرصة، واشكُري نعمة الله تعالى، وتوجّهي إليه، وستجدين ما هو أجمل، فإنّ الله تعالى جميلٌ، ولا يصدُرُ منه إلَّا جميلٌ، وسيُعاملك بمقتضى ظنّك به، فقد قال سبحانه في الحديث القُدسي: «أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنّ بِي مَا شَاء»، فظنّي بالله تعالى خيرًا، وأنّه قديرٌ على أن يُسعدك، ويُحقّق أمانيك، ويكتب لك حياةً مطمئنةً هادئةً.

حاولي أن تتعرّفي على الفتيات الصالحات؛ فهن خيرُ من يُعينُك على التغيير والثبات على التوبة، وأكثري من سماع المواعظ التي تُذكّرك بلقاء الله تعالى، وجنّته وناره، وأهوال القيامة، وشدائد القبر؛ فهذا كلُّه يَغرسُ في قلبك الخوف من الله تعالى، فتنشط النفس، وتنشرح الرُّوح بفعل الطاعات، واجتناب المحرّمات.

نسألُ الله تعالى أن يأخذ بيدك إلى كلّ خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً