الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع عصبية ابنتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابنتي عمرها 17 عامًا، في الصف الثالث الثانوي، دائمًا متوترة وحساسة وعصبية، منذ عدة أشهر صارت تحرك أصابع يدها طوال الوقت بشكل متوتر، ويحدث لديها صرير أسنان بالليل كثيرًا، حتى صار عندها ألم بالفك، كلامها قليل، وعندما تتحدث تتكلم بعصبية، بالبيت تكون عصبية جدًا، أما مع الأقرباء والغرباء فتكون هادئة جدًا، أحاول التحدث معها بهدوء في أي موضوع، لكن دائمًا ينتهي نقاشنا بالصراخ؛ لأنها تستفزني بأسلوبها.

بالنسبة لطفولتها كانت سيئة؛ بسبب الحرب في سوريا اضطررنا للسفر خارجًا، وعشنا مع جدتها، وكانت يوميًا تصرخ عليها، كان عمر ابنتي سبع سنوات، للأسف؛ كنت ضعيفة جدًا ولم آخذ موقفًا، بقينا مع جدتها ثلاث سنوات بنفس البيت، وخلالها صار مع ابنتي تبول ليلي دائمًا، وعندما انتقلنا لبيت آخر تعافت مباشرة -ولله الحمد-.

عدنا إلى سوريا منذ ثلاثة أشهر، وازداد توترها الآن؛ لأن عندها شهادة الثالث الثانوي والمواد صعبة جدًا عليها؛ لأننا كنا ببلد أجنبي، وليس بإمكاني أن أضعها في معاهد خاصة، وحالة حركة الأصابع وصرير الأسنان كلها حدثت قبل عودتنا.

أرجو منكم طريقة أو علاجًا يخفف توترها، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسرين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك أولًا تواصلك معنا بهذا السؤال، وثانيًا: على رعايتك وحرصك على سلامة ونجاح ابنتك، وثالثًا: نهنئكم بسقوط النظام الظالم وتحرير سوريا وعودتكم إلى بلدكم.

أختي الفاضلة، لا شك أن المرحلة الماضية بما كان فيها من عدوان وعنف، وهجرة ولجوء، بالإضافة إلى قسوة جدة البنت وصراخها عليها؛ أدى -كما ورد في سؤالك- إلى التبول الليلي، ولكن بمجرد انتقالكم إلى بيت آخر غير بيت الجدة، تعافت البنت بشكل جيد، فهذا أمر إن دل على شيءٍ، فإنما يدل على قابلية ابنتك للقلق والتوتر، ولكن أيضًا يدل على استجابتها الجيدة إن وُجدت الظروف المناسبة.

أختي الفاضلة، حاولي أن تتجنبي النقاش معها في كثير من الأمور، مجرد وجودك معها واستماعك إليها -وأؤكد على استماعك إليها- أهم من الإكثار من تقديم النصح والإرشاد، فهي في الصف الثالث الثانوي، وهي -كما أعتقد- تدرك مسؤوليتها، وتوترها وقلقها إنما هو دليل على شعورها بالمهمة الصعبة والمسؤولية.

لذلك: خففي من الإرشاد والتوجيه والنصح، وحاولي أن تستمعي إليها؛ فهذا أولًا مريح لها، وثانيًا مريح لك أيضًا؛ لأنه -كما ورد في سؤالك- كلما دخلتم في نقاش انتهى هذا النقاش بالصراخ والاستفزاز كما ذكرت.

أختي الفاضلة، سيُريحها جدًّا أن تقولي لها شيئًا مثل: إنك مدركة للصعوبات التي تمرين بها، والتحديات الكثيرة، وأن العودة بعد الهجرة لثلاث سنوات إلى بلدكم، والدخول في نظام التعليم، كل هذا يشكل تحديات كبيرة، ولكن أشعريها أنك مطمئنة إلى قدرتها، وأنها تشعر بالمسؤولية، ومثل هذا الكلام سيدخل الكثير من الطمأنينة إلى نفسها ويُريحها، وبصراحة هي لا ينقصها مشكلات وتحديات، فحاولوا -من خلال أسرتكم- أن تخففوا عنها ذلك، وتفتحوا لها المجال لترعى نفسها، وترتب أمورها أمام هذا التحدي الكبير، وهو تقديم شهادة الثانوية بعد هجرة وعودة إلى بلد ما زالت فيه التحديات كثيرة.

أدعو الله تعالى أولًا لابنتك بالتوفيق والهدوء والنجاح والتفوق، ولك أيضًا براحة البال والاطمئنان إلى ابنتك بإذن الله -عز وجل-، وأدعو لكامل البلد بالحياة الهادئة الكريمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً