الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أستمر في ملازمة والدي لخدمته، أم أسافر لتحسين وضعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا ملازم لوالدي منذ خمس سنوات، وأساعده –بعون الله وفضله– في قضاء جزء من احتياجاته، والآن نويت أن أسافر إلى مدينة أخرى، بحثًا عن فرص عمل ودراسة أفضل لأولادي، علمًا بأن جميع إخوتي الذكور خارج البلد.

فبماذا تنصحونني؟ وهل أكون بذلك قد فضّلت الدنيا على الآخرة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سياب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهنئك أولًا على برّك بوالدك، فكم لك من الأجر العظيم.

وأمَّا بالنسبة للجواب عن السؤال، فكالآتي:

أولًا: مساعدتك لوالدك وقضاء حاجاته أمر عظيم الأجر والثواب، ولا سيما أن إخوانك خارج البلد، فأنت تقوم بواجب كبير يعجز عنه بقية إخوانك، فلا تحرم نفسك هذا الأجر العظيم.

ثانيًا: أنصحك –وهو جواب سؤالك– بالبقاء مع والدك لرعاية احتياجاته، فإن كان سفرك يترتب عليه تضييع لوالدك، أو إدخال الحزن عليه، فلا يجوز السفر في هذه الحال.

ثالثًا: اعلم أن بقاءك مع والدك وقربك منه وبرِّك به، من أكبر أسباب السعادة في الدارين، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أن برّ الوالدين يقدَّم على الجهاد، وجاء أن أويسًا القرني -رضي الله عنه- فوّت صحبة النبي ﷺ والمسير إليه من اليمن بسبب برّه بأمه، فحُمِد على ذلك، واستحقّ أن يكون خير التابعين على قول بعض أهل العلم، و«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ: ‌أَحَيٌّ ‌وَالِدَاكَ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» (رواه البخاري ومسلم).

والله تعالى سيبارك لك في مالك ووظيفتك ودراسة أولادك، ما دمت تركت السفر من أجل مراعاة والدك، واعلم أنك إن فضّلت السفر على مصلحة أبيك، فإنك تكون قد فضّلت الدنيا على الآخرة.

يمكنك أن تصارح إخوانك بحقيقة وضعك، واحتياجك للسفر من أجل تحسين هذا الوضع، وأنك لا تريد السفر لأنك تريد ملازمة والدك لخدمته، فلعل إخوانك أن يساعدوك لقاء أنك تقوم بهذا الدور نيابة عنهم، والكثير من الأُسر تفعل ذلك، ولا حرج في ذلك.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يبارك لك في برّك بوالدك، وأن يجعلك ذخرًا له، وأن يجعل أبناءك بارّين بك كما كنت بارًّا بوالدك.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً