الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتوب من ذنبين يؤرقانني ويخيفانني من عقاب الله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرتكب ذنبين، ولستُ قادرة على التوقف عنهما، ولا أعرف كيف أتوب منهما.

الذنب الأول: هو تجاوزات تحدث بيني وبين خاطبي، وقد قررنا التوبة، ولكني خائفة ألَّا يقبل الله توبتنا، وخائفة أن يعاقبنا بشيء شديد بعد الزواج.

الذنب الثاني هو أنني أعمل مع قريبتي في محل، وأنا مخطوبة لابنها، وقد ورطتُ نفسي في جمعيات كثيرة؛ لأن جهازي أنا من اشتريته بمفردي، وكل فترة أُعاني من ضائقة مالية، وللأسف أسرق منها دون أن يعلم أحد، ولا أتذكر المبلغ الذي أخذته، ولا أعرف كيف أُعيد المال؛ لأني لا أملكه الآن، ولا أستطيع الاعتراف وطلب السماح منها؛ لأنه سيسبب خرابًا لي، وستتباعد العائلة، وستحدث فضيحة لن تهدأ أبدًا.

لا أعرف ماذا أفعل، ولا كيف أتوب، وهل سيسامحني الله ويغفر لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشعر بما تمرين به، وندرك كم هو صعب الشعور بالتقصير في حق الله والخوف من العواقب، لكن الأمل في رحمة الله دائمًا موجود، فهو غفور رحيم يفتح باب التوبة لعباده في كل وقت.

التوبة من الذنب الأول: تجاوزاتك مع خطيبك هي أمر محرم في الإسلام، ولكن الله سبحانه وتعالى يقبل توبة عباده إذا كانت صادقة، قال تعالى في سورة الفرقان: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].

إذا توقفتما عن تلك الأفعال، وندمتما على ما حدث، وأخذتما عهدًا صادقًا بعدم العودة لهذه التجاوزات، وأديتما ما تستطيعانه من عمل صالح، فإن الله سيقبل توبتكما.

التوبة من السرقة: السرقة من الذنوب الكبرى، ولكن باب التوبة مفتوح أيضًا، قال رسول الله ﷺ: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)، التوبة إلى الله بصدق، فيجب أن تشعري بالندم الحقيقي على ما فعلته، وتطلبي المغفرة من الله.

إذا لم تستطيعي إرجاع المبلغ كاملاً في الوقت الحالي، يمكنك محاولة إعادته على فترات وبطرق لا تفضحك، مثل أن ترديه إلى إيرادات المحل دون علم صاحبته، وإذا لم يكن ممكنًا، فابحثي عن طرق أخرى لإصلاح هذا الخطأ مثل: التصدق بالمبلغ الذي تتوقعين أنك أخذتِه بنية من سرقتِ منه، واطلبي من الله بصدق أن يسامحك، ويعفو عنك، وأن يعينك على إيجاد حلول.

هل سيغفر الله لك؟
نعم، الله يغفر الذنوب جميعًا إذا كانت التوبة صادقة، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، الله رحيم بعباده، ويفتح باب التوبة في كل وقت، المهم أن تكون نيتك صادقة، وأن تعملي على عدم العودة لتلك الذنوب، لكن تذكري بأن حقوق العباد لا بد من الاستبراء منها، إما بطريق مباشر، أو بطريق غير مباشر كما شرحنا سابقًا.

أخيرًا: تقربي إلى الله بالعبادات والطاعات، وحافظي على الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، وابتعدي عن كل ما قد يدفعك إلى ارتكاب هذه الذنوب مجددًا.

يسر الله أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً