الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل العادة السرية أمر غريزي وفطري؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أتعالج عند طبيب نفسي، كانت عندي نوبات هلع وخوف شديد، وأخذت أدوية نفسية عديدة مضادة لذلك، وقد استقرت حالتي حاليًا، وتم تشخيصي باكتئاب وتقلب مزاج.

أخذت دواء (إيفكسور XR 150) حبتين، و(تيراليث 400) ثلاث حبات، و(أكينيتون 2) حبة واحدة، وقد سبب لي الدواء في الماضي آثارًا جانبية، لكن بفضل الله أولًا ثم هذا الدواء استقرت حالتي.

لكن المشكلة أني أمارس العادة السرية منذ فترة طويلة، وقبل أن أمرض، وأنا دائمًا ألوم نفسي وأقنعها بأني عندما أقلع عنها ستتحسن حالتي النفسية، وسأتخلص من الدواء، ولكن الأطباء يخبروني بأنها شيء عادي وفطرة عند الإنسان، لكني ما زلت في حيرة من أمري، فهل العادة السرية أمر لازم؟ وهل هي محرمة في الدين؟

قرأت في الإنترنت أن للعادة السرية أضرارًا، فما علاقتها بالدواء؟ وكيف أتخلص منها؟ لأنها أمر مقرف، وقد أبعدتني عن ديني وصلاتي وعبادتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أخي: الاكتئاب، والقلق، والمخاوف، وكل الأعراض النفسية التي قد يعاني منها الإنسان ليست تحت إرادته قطعًا، قد تكون هنالك ظروف حياتية، أو موروثات جينية تسببت في هذه الحالة، لكن قطعًا ممارسة العادة السرية هي تحت إرادة الإنسان، ولا شك في ذلك، فيا أخي الكريم: يجب أن نفصل بين الاثنين تمامًا.

أنا أعرف أنك قد تكون تعيش شيئًا من الضجر والملل، وليست لك آفاق منفتحة في الحياة؛ وهذا قد يجعلك تلجأ إلى هذه الممارسة، لكن في نهاية الأمر؛ هذه مسؤولية شخصية، أنت رجلٌ مدركٌ، ورجلٌ عاقل، وتعرف الفرق بين الحلال والحرام، والخطأ والصواب، والخير والشر، فيا أخي الكريم: يجب أن تختار لنفسك ما هو صواب، وسليم، ونافع، وصحيّ.

أنا لا أُقرُّ ممارسة العادة السرية أبدًا، ولا يمكن أن نعتبرها أمرًا طبيعيًّا أو أمرًا فطريًّا، فهذا الكلام -أي أنها أمر فطري- ليس كلاماً علمياً ودقيقاً. وموضوع الإفراغ والتفريغ المنوي يأتي من خلال الأحلام، فيجب على الإنسان ألّا يلجأ أبدًا لهذه الممارسة الخاطئة، وشرعًا أنت مطلوب منك أن تنتهي عن هذه العادة، والله تعالى يقول: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}.

إذًا: الأمر أمر إرادي، وليس أمرًا فطريًّا، لا تجد لنفسك عُذرًا، لا تستمع لمثل هذه التبريرات الواهية، اعزِمْ، وعليك بالقصد والعزم الصحيح والنية القاطعة، ويجب أن تُوقف نفسك الأمَّارة بالسوء، من خلال تفعيل نفسك اللوّامة، والشعور بالندم، والشعور بالذنب، هي مشاعر جيدة، لكن يجب أن يستفيد منها الإنسان للإقلاع عن الممارسة الخاطئة.

ويا أخي: التوبة لها شروطها، أن يندم الإنسان على فعل الذنب، وأن يتوقف عن الفعل، وألَّا يعود إليه أبدًا.

فعليك بهذا النهج، وادعُ الله صادقًا أن يرفع عنك هذا الابتلاء وهذه الممارسة الخاطئة، وفي ذات الوقت عوّد نفسك من خلال ممارسة الرياضة، وحُسن التواصل الاجتماعي، والقراءة والاطلاع، وأحسن إدارة الوقت، وجالس الصالحين من الناس ومن الشباب، وكن بارًّا بوالديك، وقم بأي فعلٍ يفيدك، كالقراءة، والاطلاع، والعمل المفيد؛ هذه كلها منافذ في الحياة تجعل الإنسان حقيقةً لا يمارس مثل هذه الممارسات السيئة، وحتى إن مارسها لا تصل لدرجة الإدمان أبدًا.

هذا هو الذي أنصحك به، أمَّا بالنسبة للدواء، فليس له علاقة بالعادة السرية، فهو لا يُوقفها، ولا يمنعها، ولا يدعوك إلى ممارستها، الدواء دواء معروف، وهو دواء جيد جدًّا، وما دام قد وصفه لك الأطباء فلا بد أن تكون في حاجة إلى هذا الدواء، فاستمر عليه حسب التعليمات التي أوضحها لك الطبيب، وعليك بأن تُراجع طبيبك بصورة منتظمة، وتتبع الإرشادات والتعليمات الطبية، ولا أحد يستطيع أن يقول لك إن ممارسة هذه العادة أمرٌ غريزي فطري وأمرٌ عادي، لا، هذا ليس صحيحًا أبدًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً