الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي بلغه عني كلام غير صحيح وتم الفسخ، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم

تم فسخ خطبتي من خطيبي، بعد اختفائه لثلاثة أشهر، وقد جعلت امرأة كبيرة بالسن تتصل به، وتتفهم منه الموضوع، وقالت له مثل ما قالت صديقة أمنا خديجة -رضي الله عنها- عندما حدثت الرسول بحب خديجة له.

هو كان خطيبي، وخطبني قبل عام، والأصعب من فسخ الخطبة أن الوسيط وأهله يقولون: إن خطيبي السابق يقول إن سبب الفسخ هو أني قللت من قيمتي عند اتصال هذه الأم الكبيرة به؟

هل أنا غلطت بذلك حقاً أم أني اتبعت ما عملته أمنا خديجة، عندما أحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أنا منزعجة جداً. هل أستطيع التبرير بموقف النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأن هذا قصدي، ولا أسمح لأحد أن يتحدث بالسوء عني.

هل أجعل أحداً يحدث خطيبي السابق أم أجعل الوسيط يرسل برسالتي لخطيبي، وذلك لكي أبرر موقفي أمام الجميع، وتبرئة نفسي أني عملت مثل أمنا خديجة رضي الله عنها؟

أيضاً عند حدوث الفسخ بنفس الليلة بعد فسخ الخطبة، أمي رأت والدي المتوفى -رحمة الله عليه- بأنه يقول لها: إنه يجب أن تمنعوا الكلام هذا بكلام مباشر، لكن الرسائل أيضاً تجوز، ولها نفع، وهو سيرجع اليوم الثاني.

هل هذه رؤيا أم حديث نفس مع الغضب؟ وهل يجوز لنا الأخذ بما فيها، ومحاولة التحدث معه، ومنعه من تسريب كلام خاطئ عني؟

قبل فسخ الرؤيا بيومين نمت وأنا أدعو الله وأبكي، ورأيت أني سافرت مع والدتي إلى المدينة المنورة، وذهبت إلى منزل رجل كبير في السن مع أخي، كوسيط، لمحاولة إرجاع وإقناع خطيبي، فقال الرجل: لا تتحدثي، لكي لا يسمعك محمد، فسكت، وكان خطيبي يغسل أرض البيت، ويضرب الحلبة، لتحضير أكلة السلتة اليمنية التي يحبها، ودخل الغرفة ورش علي الماء ثلاث مرات، في المرة الأولى والثانية والثالثة، وهو يبتسم لي، وعندما أردت أخذ الماء ورشه عليه وأنا ابتسم له، قال: اصبري، الله ييسر ويتمم.

هل نتعبر هذه رؤيتين صادقتين، ونعمل بهما، وأنه سيعود لي مرة أخرى أم هي حديث نفس؟ علماً أن خطيبي فعلاً أكرمني من قبل أنا وعائلتي، وطلب منا زيارته لمكة والمدينة المنورة، وأكرمنا.

أنا متضايقة جداً، والأصعب من ذلك أن أم الوسيط تغير كلامها، أحياناً تقول: هو تكلم عني بالسوء، وأحياناً تقول: لم يتحدث بسوء، ولكن موضوع الاتصال هو من أخبرهم به، ورفعت صوتها بالصراخ علي عندما اتصلت بي، وهذا يؤكد أنه فعلاً تحدث بالسوء عني، وقد سبب لي ألماً داخلياً.

ماذا أفعل؟ هل أواجهه؟ وما هي عواقب مواجهتي له؟ لأن هذه إشاعات باطلة، وفيها ظلم كبير. حسبنا الله ونعم الوكيل.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

من خلال حديثك -أختنا الكريمة- لم يظهر لنا موطن الخلل أو السبب الرئيس الذي جعله يتخذ هذا القرار، اللهم إلا الدعوى بأنك قللت الاهتمام به، أو كلمته بطريقة غير لائقة.

تدخل امرأة كبيرة في السن للإصلاح ليس عيباً أو أمراً محرماً، وإن كنا لا نستحبه، وكان الأولى إما أن تحدثه الوالدة مباشرة، أو يحدثه أحد من محارمك.

دعينا نضع قاعدتين قبل أن نخبرك بنصيحتنا:

أ- الزواج رزق مقسوم وقدر مكتوب، تلك سنة جارية، فمن قدره الله لك زوجاً سيأتي به الله في الوقت الذي قدره، هذه عقيدة يجب أن تكون راسخة لديك: زوجك المقدر في علم الله آت، شاء من شاء وأبى من أبى، روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، وهذا يبعث على الهدوء ويجلب السكينة، فالشاب هذا إن كان مقدراً لك ستتغير نظرته ويعود، وسيقضي الله الأمر على ما هو صالح لك، وإن كان غير مقدر لك فلو اجتمع أهل الأرض على الجمع بينكما فلن يكون.

ب ـ المؤمن يعلم -أختنا- أن قضاء الله هو الخير للعبد من مراده، والله لا يقضي لعبده إلا ما يصلحه، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر يحسبه خيراً، وقد يدفع الخير يحسبه شراً، قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) والنجاة في التسليم لأمر الله والتوكل عليه، مع الأخذ بالأسباب المتاحة.

وفق هاتين القاعدتين ندرك أن إدخال الوسطاء أو الأحاديث المباشرة أو غير المباشرة هي وسائل، والله يقضي ما يكون في علمه من خير، والله لا يقضي إلا الخير، والتسليم نجاة كل فتاة صالحة.

لذا ننصحك -أختنا- بما يلي:

1- إبراء الذمة عن طريق أحد محارمك، ممن يثق فيه الشاب وعنده حكمة ودين، أو عن طريق والدتك مع إحدى محارمه ممن فيها دين وحكمة، المهم أن تصل إليه الرسالة من طريق مأمون، ويجب أن يعلم أن إبراء الذمة ليس المقصود منه عودته، وعليه أن يفهم ذلك، المقصود تبرئة ساحتك من أي سوء فهم إن كان قد حدث.
2- الحذر من التواصل معه مباشرة بأي صورة، لأن ذلك يرخصك أمام عينه، بل ويزيده إصراراً على الابتعاد.
3- الإيمان التام بأن أقدار الله نافذة، ومن قدره الله لك زوجاً سيكون، والخيرة كل الخيرة فيما قدر الله وقضى.
4- الانشغال بطاعة الله وفرائضه ونوافله، وما أنت عليه من أذكار وأوراد.
5- الابتعاد عن الفراغ فإنه مهلك.

تلك وصيانا لك، وإنا نسأل الله إن كان في الخاطب خير أن يرده إليك رداً جميلاً، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة