الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكل بين زوجي وأهلي وأنا عالقة بينهم ..ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع الرائع والمفيد.

زوجي رجل طيب القلب ومحب للمساعدة، ورغم وجود بعض النقائص في شخصيته، إلَّا أن إيجابياته تغلب على سلبياته، وعلاقته بأهلي ممتازة؛ يكنّ لهم كل خير، ويهتم بهم، وينصحهم، ويقدم لهم العون، بل وقف بجانبهم في أفراح إخوتي وكأنه أخ لهم، ولم يبخل عليهم بالمساعدة المادية.

وقد امتد لطفه ليشمل أخي الأصغر، وهو طالب جامعي، حيث سعى جاهدًا لتأمين وظيفة له، وتواصل مع زوج أخته، وهو صاحب شركة، وتمكن من توظيف أخي لديه، واتفق معه على مراعاة وضعه كطالب جامعي، بحيث يتمكن من أداء عمله في مجال البرمجة عن بعد، وتم هذا الاتفاق بين الثلاثة -زوجي وزوج أخته وأخي-، بل وأصر زوجي على استضافة أخي في منزلنا -نظرًا لأن مقر العمل يقع في نفس المحافظة- ليتمكن من متابعته، والحرص على استمرار دراسته.

ورغم رغبة أهلي وأخي في استئجار سكن آخر، أصر زوجي على بقائه معنا لمدة ثلاثة أشهر، وفي أحد الأيام زار زوجي أخته وزوجها -صاحب الشركة-، وعاتبه قائلاً بأنه يستغل أخي ويُرهقه في العمل على مدار الساعة، دون مراعاة لكونه طالبًا، وكان رد فعل زوج أخته عنيفًا؛ فقد هاجم زوجي في منزله، منكرًا أي اتفاق بينهما، وقلل من احترامه بسبب تدخله في شأن أخي، وبعد هذا اللقاء، أخبر أخي زوج أخت زوجي بأن زوجي لا علاقة له بالأمر، وأنه مستعد للعمل ليل نهار، لكن زوجي لم يعلم بهذا إلَّا بعد فترة.

منذ ذلك الحين تصاعدت المشاكل بيني وبين زوجي، فطالب زوجي بفصل أخي من العمل كرد فعل على إهانة زوج أخته له، لكن أهلي رفضوا خوفًا من دخول أخي في حالة اكتئاب ومرض نفسي.

ويرى والدي أن زوجي لم يرتكب أي خطأ، وقد تحدث زوجي بصوت عالٍ مع والدي بسبب هذه المشكلة؛ ممَّا أدى إلى تفاقم الخلافات، وأنا الآن عالقة بينهما، فقد منعني من التحدث هاتفيًا مع أهلي، وسمح لي بزيارتهم لمدة ساعتين فقط دون اصطحاب أطفالي، وذلك بعد انقطاع دام شهورًا.

ماذا أفعل؟ أرجو إرشادي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تقى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أولاً: إننا نحمد الله أن رزقك الله هذا الزوج الصالح الودود، الذي ظهر ومن خلال رسالتك أنه صاحب خلق رفيع، وأنه تعامل بالإحسان مع أخيك رافضًا أن يسكن في مكان آخر، وهذه تحسب له مع ما ذكرت من فضائل له، نسأل الله أن يبارك فيه.

ثانيًا: إن الدافع إلى المشاجرة بين زوجك وزوج أخته كان حرصه على أخيك، وقد كان مدافعًا عنه، منبهًا الآخر إلى أنه طالب، وسواء أكان ردة فعله لزوج أخته صحيحة أم خطأ إلا أنّا نسجل هنا أن الدافع كان مصلحة أخيك، وشفقته عليه.

ثالثًا: نتفهم كذلك موقف أهلك، وموقف أخيك، فهو يخشى ترك العمل، وفي نفس الوقت أهلك يخشون عليه أن يدخل في دائرة اكتئاب لفقده له.

رابعًا: إننا ننصحك -أختنا- بما يلي:

1- الوقوف بجوار زوجك نفسيًا ومعنويًا، مع إظهار تقديرك لما فعل لأخيك، وشكره على ذلك، فالزوج قد أحسن وجزاء الإحسان بمثله.

2- الإيعاز إلى الأهل بأنه لا مانع عندك من استمرار الأخ في عمله، لكن المرجو منهم أن يبحثوا عن بديل تجنبًا للمشاكل، وإرضاء للزوج.

3- لا تقطعي حبل تواصلك مع أهلك، ولا تجعلي هذا الموقف يدفعك إلى قطيعة الرحم، فلكل طرف عذره، وعليك الموازنة بين الأمرين، لكن الوقوف بجوار الزوج خطوة في طريق الإصلاح.

4- الزمن جزء من العلاج، والإحسان إلى الزوج مع مرور الوقت سيخفف هذه الحدة وتزول مع الوقت -إن شاء الله تعالى-.

5- اجتهدي أن تحدثي التقارب بين الزوج والأهل، ولو على المدى البعيد، فأنت أدرى الناس به وتعرفين مداخله ومخارجه، ومتى يكون متقبلاً الكلام، ومتى لا يكون، استثمري أوقات أنسه وتقدمي خطوة خطوة دون أن يشعر أنك تفضلين أهلك عليه؛ فإن هذا أقرب إلى الإصلاح.

6- إن كان من أهلك من يحبهم الزوج ويحترمهم، فلا بأس أن يتدخلوا ولكن بطريق غير مباشر، وإن لم يكن فانظري من يحبه الزوج من أهل الدين والحكمة والعقل، واجعليه يتحدث معه، المهم أن يكون بطريق غير مباشر.

هذا مع الدعاء لله أن يصلح الله ما بينهم، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، ويحفظه ويحفظ أهلك، ويقرب بين النفوس، إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً