السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في المرحلة الثانوية، مقبلة على امتحان البكالوريا بعد خمسة عشر يومًا، ولطالما كنت فتاة مُحبة للدراسة، متفوقة، ودائمًا ما أحتل المرتبة الأولى في صفي، لكن هذا العام كان الأسوأ في حياتي الدراسية، فقد فقدت الحماس تجاه المدرسة والدراسة، ولم أعد أشتاق إلى العودة المدرسية كما كنت في الأعوام السابقة، بل أصبحت أنفر من الدراسة ومن الأهل، وأميل إلى العزلة.
الناس جميعًا كانوا ينتظرون مني نتائج عالية كما اعتادوا، لكنني لا أدرس، ولا أستطيع أن أذاكر، وحاولت كثيرًا أن أعود كما كنت، أن أذاكر وأجتهد، لكنني أنسى ما أدرسه، ولا أستطيع الحفظ أو التركيز، ووصلت إلى مرحلة لم يعد يهمني فيها النجاح أو الرسوب.
أصبحت يداي ترتعشان، ووجهي يميل إلى الاصفرار، وبدني بات نحيلاً، بعدما كنت أتمتع بالوزن والجمال، ولم أعد أكترث بأي شيء، وكأن الحياة فقدت ألوانها ومعناها، غرقت في بحر من التفكير، عيوني زائغة، وقلبي ينبض بشدة، وكلما حاولت فتح كتاب يُرافقني خوف دائم لا يفارقني، وأشعر كأن الدنيا كلها ضدي، والأسوأ من ذلك أنني أرى في عيون زميلاتي فرحًا خفيًا بفشلي، وكأنني قد تنحيت من طريقهن، وتركني القدر خلفهن.
منذ خمسة عشر يومًا، صمتُ، ورفعتُ يدي إلى الله، ودعوته بحرقة أن يريني في المنام رؤيا ما هو دائي وما هو دوائي، ولكن لم أكن أنا من رأى الرؤيا، بل كانت أمي، رأت في منامها أنها تقول لأم صديقتي: "احلفي على المصحف أنك لم تفعلي شيئًا"، فلم تستطع المرأة أن تحلف، فشعرت أمي أنني قد أُصبت بسحر، فأتوني بالماء المرقي، لكني لم أشعر بتحسن، وأبي، مع الأسف، لا يؤمن بالرقاة، بل يغضب منهم، فتولّت أمي رقيتي بنفسها، لكنها لم تُؤتِ ثمارها.
لم يتبقَ على الامتحان إلا القليل، فحاولت أن أتواصل مع صديقاتي لنذاكر معًا، لكنني فوجئت بأنهن أغلقن الأبواب في وجهي، بل ينتظرن مني أن أُلحّ عليهن، وكأنهن يتلذذن بعزلتي.
قالت لي أمي: إن لم تحصلي على نتيجة مرتفعة، فسأريكِ الألم، وشعرت حينها أن الله أغلق أمامي أبواب الخلق جميعًا، ولم يبقَ إلا بابه سبحانه، وها أنا أطرقه، لعلّه يُفتح لي.
انعدمت الأسباب، وأصبح الرسوب هو الاحتمال الأقرب، لكنني مؤمنة أن الله هو المدبّر، وهو القادر، وقد جعل يدي تكتب قصتي هنا، بين أناس لا يعرفون من أنا، لكنني أحسست أن ما ستكتبونه لي هو رسالة من الله إليّ، وهداية من السماء.
أصبحت أخاف كثيرًا من كلام الناس إذا رسبت، ووضعت في رأسي سيناريوهات كثيرة لما سيُقال، وما سيحدث، ومع ذلك، افترضت بيني وبين نفسي أن الله ربما يريد لي أن أنجح العام القادم، كطالبة حرّة، دون ضجيج ولا عيون حاقدة، ليكون النجاح خالصًا لي، لا يشمت فيه من أراد لي الرسوب، والله أعلم.